بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين

معجزة الماء والرقية الشرعية

معجزة الماء والرقية الشرعية
دكتور/ دسوقي احمد محمد عبد الحليم
أستاذ مشارك التكنولوجيا الحيوية، قسم العلوم البيولوجية، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر
المحور الذي تندرج فيه ورقة العمل: الوسائل الشرعية للوقاية من الأمراض العضوية والنفسية







الملخص
في الأعوام الأخيرة استقر رأي العلماء وخبراء الماء في المجتمع العلمي على أن الماء يحمل ذاكرة كالتي نحملها نحن في أدمغتنا وربما اكبر وأوسع، وأصبح العلماء مقتنعون أكثر من أي وقت مضي بأن جزيئات الماء تحمل من المعلومات ما قد لا يوجد في اكبر مكتبات العالم وأجهزتها الالكترونية المعقدة وأن الماء يحتفظ بالمعلومات حتى بعد عمليات التنقية الصارمة بالترشيح، وهذا بالضبط ما أطلق عليه العلماء "بصمة الطاقة المائية". ولقد ثبت علمياً أن الأفكار والأصوات تؤثر كلياً على الماء في جسم الإنسان وفي الكائنات الحية التي تتأثر تماما بتتابع ترددات الطاقة الكامنة بنفس الطريقة التي تتأثر بها هذه الكائنات فيزيقياً. ماذا يعني هذا وما هي الطاقة الكامنة وراء الكلمات التي نبثها للماء فيتغير مع حالتنا المزاجية إن كان فرحا وسعادة تشكلت جزيئات الماء بما يؤكد إحساسها بنا وبسعادتنا وإن كان مزاجنا ليس على ما يرام اختلف مزاج جزيئات الماء بالسلب. يا لهذه الأبحاث العلمية إنها كل يوم تؤكد حقائق جديدة قديمة، أليس الكثير من الصالحين الثقاة (ولا أقول الدجالين والمشعوذين) يعالجون الأمراض العضوية والنفسية والروحية بقراءة آيات من القرآن على الماء ثم يشربها المريض أو يغتسل بها فيشفى، ومن منطلق علمي وبناءا علي ما توفر لدينا من معلومات عن الماء فانه ومن خلال هذا البحث سنقوم بالإجابة علي الأسئلة الآتية: هل الماء عنصر معجز؟، هل الماء مقدس؟، هل الماء يحس ويشعر ويحب ويكره؟، هل يتأثر الماء بالطاقة المحيطة؟، هل يمكن استخدام الماء كعلاج من غير قراءة القرآن عليه؟، ماذا تضيف قراءة القرآن علي الماء؟، كيف نتعامل مع الماء؟، هل الماء كائن حي؟.
كل شيء خلق من ماء
الماء من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، فهو أغلى ما يملكه الإنسان على الأرض لاستمرار حياته بإذن الله ويدرك ذلك كل الناس كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، فلا يستطيع أن يستغني عن الماء إنسان أو حيوان أو نبات أو أي شكل أخر من أشكال الحياة التي نراها أو التي لم يأذن الله لنا بعد بالكشف عنها، فلا شراب إلا بالماء ولا طعام إلا بالماء ولا نظافة إلا بالماء ولا دواء إلا بالماء ولا زراعة إلا بالماء ولا صناعة إلا بالماء.
والماء لم تنقص قيمته على مر العصور سواء بتقدم البشرية أو بتأخرها، بل قد زادت حتى صار الحديث متكررا عن الأمن المائي والصراع على موارده. و الماء هو في الحقيقة المؤكدة عماد اقتصاد الدول ومصدر رخائها، فبتوافره تتقدم وتزدهر البشرية وبنضوبه وشح موارده تحل الكوارث والنكبات. فالماء هو أصل الحياة ومنبتها على الأرض وقد قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنبياء 30)، ويقول جل شأنه: ﴿والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير﴾ (النور 45).
و في تفسير بن كثير عن أبي هريرة أنه قال يا نبي الله إذا رأيتك قرت عيني وطابت نفسي فأخبرنا عن كل شيء قال "كل شيء خلق من ماء". وقال الإمام أحمد في مسنده "حدثنا يزيد حدثنا همام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال " كل شيء خلق من ماء ".
ما هو الماء؟
ولقد تباينت نظرة العلماء للماء أيما تباين، فعندما طلب تعريف دقيق للماء مع إيضاح أهميته جاءت الإجابات متباينة: فعلماء الزراعة يرون أن الماء هو الشيء الأساسي للحياة فإذا غاب لا تنبت البذور ولا الحبوب ولا الجراثيم ولا تنمو المزروعات ولا توجد الأنعام ويهلك الحي منها ويموت. أما الأطباء فيرون الماء من زاوية أهميته لحياة الناس وصحتهم الخاصة والعامة فجميع العمليات الحيوية في الجسم تحتاج إلى الماء حتى تتم، أما علماء التاريخ والجغرافيا البشرية فيربطون بين نشأة الحضارات والماء، فالحضارة المصرية ارتبطت بنهر النيل وحضارة سبأ ارتبطت بالمياه الموسمية وسد مأرب، وحضارة العرب ارتبطت ببئر زمزم وتفجر الماء العذب منه. 


أما الفيزيائيون والذين يخططون للمستقبل فيرون أن الماء هو مصدر الهيدروجين عنصر الطاقة الحيوية والإستراتيجية في المستقبل القريب. والجيولوجيون يرون نشأة الحياة وتكون التربة والحفريات وعناصر الطاقة ومصادرها القديمة والحديثة مرتبطة بالمياه ووجودها ودورتها في الحياة، ولذلك ليس من العلم أو الحكمة أن نقول: أن الماء هو الماء، أو أن نعطي تعريفاً قاصراً للماء، وقيد قيل في الأمثال "فسر الماء بعد الجهد بالماء". والبيولوجيون يجمعون في نظرتهم بين نظرتي علماء الزراعة والأطباء ويزيدون عليها أن الحياة جميعاً هي الماء وأن التربة الزراعية والنبات والحيوان والإنسان والكائنات الحية الدقيقة تحتاج إلى الماء في كل مرحلة من مراحل حياتها.
لا شك في أن الماء ضروري لكل الوظائف الفسيولوجية والحيوية فهو يستخدم في عمليات الهضم والامتصاص ونقل المغذيات ووسيطاً لإتمام العمليات الكيميائية المختلفة، ومذيباً للمخلفات ومخفف لها من أجل التقليل من أثرها السام، كما يساعد في عملية طردها خارج جسم الكائن الحي، و يساعد الماء في تنظيم درجة حرارة الكائنات الحية بالإضافة إلى ذلك فإنه يوفر وسادة واقية للخلايا. والماء هو المادة الأساسية في تكوين دم الإنسان والإفرازات السائلة مثل اللعاب والدموع وعصائر المعدة والسائل الذي تفرزه أغشية المفاصل وسوائل أخرى عديدة والتي لها دور رئيسي في عملية تزيت الأعضاء والمفاصل الأخرى، بالإضافة إلى أن الماء يحافظ على نعومة الجلد، ويتعامل علماء الأرض والفضاء مع الماء كجهاز إنذار مبكر يكشف وجود الحياة في هذه البقعة أو تلك، وما البعثات الفضائية التي نسمع عنها إلا وأول أهدافها البحث عن ماء للدلالة على وجود الحياة على هذا الكوكب أو ذاك. 


نسب الماء في الكائنات الحية
إحصائيا يشكل الماء 90% من مخ الإنسان و 70% من مكونات القلب و 86% من الرئتين والكبد، 83% من الكليتين، 75% من عضلات الجسم المختلفة و 83% من الدم. ويكون الماء حوالي 60-95% من أجسام الأحياء الراقية بما فيها الإنسان، كما يكون حوالي 90% من أجسام الكائنات الحية الدقيقة.
وفي عالم النبات نجد أن ثمار الطماطم تحتوي على 94% من وزنها ماء، والكرنب يحتوي على 93.5%، العنب 80%، البرتقال 85%، المانجو 86%، الزبيب 14.6%، الفول السوداني 9.2%، دقيق الشوفان 7.3%، الأرز 12.3%، الكرفس 94.5%، السبانخ 92.3%، الفراولة 90.4%، اللفت 98.6%، الخوخ 98.4%، الفول الأخضر98.2%، الجزر 88.2%، الخس 97.4%، التفاح 84.4%، البرقوق 87.4%، البطاطس 87.3%، الموز 75.3%. وفي الحيوانات نجد أن لحم الضأن يحتوي على 63% والكبد 70% والسمك 66% واللبن 87% وقنديل البحر 99% من وزنه ماء.
خصائص الماء الفريدة
الماء له قدرة عالية على إذابة عدد هائل من المواد الصلبة والسائلة والغازية‏،‏ وبناؤه الجزيئي ذو القطبية المزدوجة والمقاوم للتحلل والتأين حيث يتألف الماء من جزيئات متلاصقة متماسكة، يتكون الجزيء الواحد من ارتباط ذرة أوكسجين مع ذرتين من الهيدروجين، ويتم هذا الارتباط وفق رابطة تساهمية قوية‏،‏ ودرجتا التجمد والغليان المتميزتان،‏ والحرارة النوعية المرتفعة،‏ والحرارة الكامنة العالية‏،‏ واللزوجة والتوتر السطحي الفائقان‏،‏ وقلة كثافته عند التجمد‏،‏ وقدرته الكبيرة على الأكسدة والاختزال،‏ وعلى التفاعل مع العديد من المركبات الكيميائية‏،‏ وعلى تصديع التربة وشقها لمساعدتها على الإنبات‏،‏ وبذلك هيأه الله ‏‏"جل شأنه‏"‏ للقيام بدوره الرئيسي في أجساد كل أنواع الحياة على الأرض. 
والماء العادي يسمي بالماء الخفيف، ولكن في المقابل يوجد هناك ما يسمي بالماء الثقيل والذي تتعدد فوائدة ليس للإنسان أو الحيوان أو النبات، ولكن للأسف في أسلحة الدمار الشامل وبالتحديد في المفاعلات النووية. وتكمن أهمية الماء الثقيل في قدرته العالية على التحكم بطاقة النيوترونات المنطلقة من التفاعل الذري. كما انه يعمل كمبرد لقلب المفاعل وينقل الحرارة بفعالية لتحويلها إلى طاقة بخارية مفيدة. ورغم قدرة الماء العادي على لعب هذه الأدوار إلا أن الماء الثقيل أكثر منه سرعة وفعالية.
وفي القرن الحالي يحلم الجميع بوقود الهيدروجين النظيف المتجدد والرخيص. وهناك من ينتظر ألا تؤذيه الروائح القوية النفاذة، وهو يزود سيارته بالوقود في محطات الوقود، والمعنيون بالبيئة ونظافتها ينتظرون المعجزة التي تقلل من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، ومعهم العلماء في خندق واحد حتى تزول غمة الاحتباس الحراري لكوكب الأرض، وشركات الوقود تنتظر هبة السماء في وقود لا ينفد بدلا من الإمدادات غير المنتظمة للوقود الحجري التقليدي، والجميع معًا يكتوون بنار أسعار الوقود حتى في برد الشتاء؛ إنها حقاً معادلة صعبة للغاية. 
تعتبر المياه التي تغطي ما يقرب من ثلاثة أرباع مساحة الكرة الأرضية مصدرا رئيسيا للهيدروجين، إلا أن الطريقة الوحيدة المعروفة لاستخلاصه هي التحليل الكهربائي وتكلف عشرة أضعاف الغاز الطبيعي وثلاثة أضعاف البنزين. والأمل معقود الآن على علماء البيولوجيا والطاقة معاً لإيجاد وسيلة سهلة ورخيصة لاستخلاص الهيدروجين من بين ثنايا جزي الماء، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل بين طيات صفحات هذا الكتاب.
العلاج بالماء
يقول الله تعالى في سورة الأنفال: (إِذْ يُغَشّيكُمُ النّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السّمَآءِ مَآءً لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىَ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ الأقْدَامَ) (الأنفال 11)، ويقول تعالى في سورة ص: (وَاذْكُرْ عبدنا أَيّوبَ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ أَنّي مَسّنِيَ الشّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) (ص 41). ويقول تعالى في سورة الفرقان: (وَهُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ الرّيَاحَ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً طَهُوراً) (الفرقان 48).
إن للماء فوائد علاجية لا تعد ولا تحصى، وحديثاً أصدرت جمعية مكافحة الأمراض اليابانية قائمة بتجارب أجرتها باستخدام نظرية العلاج بالماء، وأكدت نتائجها العلاج الشافي لعلاج العديد من أمراض الجهاز الدوري (الصداع، ارتفاع ضغط الدم، الأنيميا، التهاب المفاصل، الكساح، خفقان القلب، الصرع)، الجهاز التنفسي (السعال، التهاب الشعبي، الدرن، السل، التهاب السحايا)، الجهاز الهضمي (الأمراض المرتبطة بالكبد والبول، الحموضة الزائدة، التهاب المعدة، الدوسنتاريا، الإمساك، السكر، البواسير)، جميع الأمراض المرتبطة بالعيون، الدورة الشهرية غير المنتظمة للنساء (الطمث) سرطان الرحم وجميع الأمراض المرتبطة بالأنف والأذن والحـنجـرة. ونقص كمية الماء في الجسم عن المستوى المطلوب يؤدي إلى الصداع والأرق وعسر الهضم والإمساك. وإذا كان النقص كبيرا فإن عمل الجسم يختل ويضطرب نظامه, ثم يبدأ الجسم بالجفاف حيث تجف خلاياه وتظهر التجاعيد على الجلد نتيجة ذلك.
وليس كل ماء كماء زمزم، فقد ورد في صحيح مسلم من حديث طويل عن عبادة ابن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف ماء بئر زمزم فقال:(إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ)، وفي سنن ابن ماجة ومسند أحمد عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ". كما أن للماء دوراً رئيسياً في تلوين الحياة من حولنا، فكلنا يعلم الدور الهام الذي يلعبه الماء في القيام بالعمليات الجيولوجية الخارجية منها والداخلية وهى العمليات التي ينتج عنها تكون المعادن المختلفة التي تضفى على الصخور ألوانا مميزة تمتع



الأبصار، وليس ألوان الصخور فقط التي تتأثر بالماء، بل الثمار مختلفة الألوان والأشجار والأزهار وغيرها، وتلعب هذه الألوان التي تتشكل بفعل الماء دورا هاما في العلاج النفسي والعضوي للإنسان، وصدق الله العلي القدير حين يقول في سورة فاطر: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور) (فاطر 27).
والماء غني ليس فقط بجماله وتبعثر جزيئاته في الهواء والمناظر التي يؤلفها وسط الحديقة، بل بالأصوات التي تشكل لحناً هادئاً أحياناً وقويا أحياناً أخرى، تكون مصدر متعة وطرب لدى سماعه فالمنظر الطبيعي يسر الناظر إلى المياه الرقراقة في الأحواض المترامية الأطراف، والمكونة بصورة عبثية، إضافة إلى أنها تنعش أجواء الأمسيات حولها كما أن حديقة المنزل تزدان بالأحواض التي تتوزع فيها هنا وهناك.
الماء المقدس
بصرف النظر عن الممارسات والطقوس الكهنوتية المصاحبة للماء، فإننا نجد وبجلاء وعلى مر الزمن ومهما اختلفت الأماكن، أن الماء قد شغل حيزاً كبيرا من العقل الروحي والديني لكثير من معتقدات البشر وأديانهم، وأي باحث في مقارنة الأديان سيدرك عند نتتبعه للنصوص الدينية الموقع المتميز الذي احتله الماء بها، فلا تكاد تخلو عقيدة دينية إلا وكانت تقدس هذا الماء، بطريقة معينة سواء فكراً أو طقساً. وهذا يرجح ما للماء من أهمية كونية، وماله من ارتباط وثيق بحياة البشر سواء أكانوا أفرادا، قبائل أو حتى شعوب وأمم، وعلماء التاريخ والجغرافيا البشرية عادة ما يربطون بين نشأة الحضارات والماء، فالحضارة المصرية ارتبطت بنهر النيل وحضارة سبأ ارتبطت بالمياه الموسمية وسد مأرب، وحضارة العرب ارتبطت ببئر زمزم وتفجر الماء العذب منه.
والماء ينظر إليه من منطلق القداسة والتبجيل في جميع الأديان السماوية القديم منها والحديث. فهو في مرتبة عالية من الفكر الديني الإسلامي ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ (الأنبياء 30)، ولا يخلو أي مسجد من مصدر للمياه النظيفة السائلة يستخدمه المسلمون للوضوء قبل الصلاة خمس مرات في اليوم. وفي الديانة المسيحية نجد في الماء عنصرا مهما في إقامتها لمراسيم التعميد ولا يستعاض عنه، فيدخل الماء في عملية التعميد الكنسي وصلوات القربان المقدس عند المسيحيين كرمز للتطهير من الذنوب، أما عند اليهود فالماء مقدس تقديسا كبيراً و يظهر هذا واضحا في طقوسهم الدينية، وفي فكرها أيضاً (روح الله يرف على وجه المياه) (التوراة سفر التكوين). ومن فرائض اليهودية أيضا استخدام الماء في طقوس التنظيف وتبرئة الذات من الذنوب وفي التعميد أحيانا. 
الماء والرقية الشرعية
إيموتو والعلاج النفسي بالماء
نشرت صحيفة الشرق الأوسط الدولية في عددها الصادر بتاريخ الثاني من يونيو لعام 2005 تلخيصا لكتاب مهم أصدره العالم الياباني "ماسارو إيموتو" عن العلاج النفسي بالماء. حيث اكتشف أيموتو أن جزيئات الماء تتفاعل مع أفكار البشر وكلماتهم ومشاعرهم، وبذلك قاد ثورة علمية. فقد قام بقياس ذبذبات الماء إذا نزل فيه شخص حزين مكتئب أو سعيد مرح أو غيرها من الانفعالات. فاكتشف أن القياسات تختلف تماما تبعا لكل انفعال منها، وأنها ثابتة لكل انفعال، وكأن للماء رد فعل وانفعالات تبعاً لما «يستشعره» من انفعالات الغاطسين فيه.
والمدهش حقاً أنه لا يجب أن يغطس الإنسان بكامله لفترة طويلة، بل يكفي أن يقوم بغمس يديه في الماء لفترة قصيرة حتى تتغير ذبذباته. والأكثر إدهاشا هو أن الدكتور "إيموتو" نجح من خلال استخدام آلة تصوير فائقة السرعة أن يصور اختلاف شكل بلورات الماء المجمدة عندما «تتجاوب» مع مشاعر الإنسان. فمثلاً، يظهر الماء المجمد على شكل ندفات ثلج ملونة وزاهية عندما يتم الهمس بكلمات محبة في الماء. وعلى العكس من ذلك، فإن الذي تم بث أفكار سلبية فيه يظهر أشكالا غير كاملة، وغير متناسقة ذات ألوان باهتة تماماً. كما أن الموسيقى والصور وحتى الكلمات المكتوبة على ورق لها رد فعل واستجابة بشكل ما من الماء. ويؤمن "إيموتو" بأنه يمكن استغلال هذا التفاعل في علاج الإنسان والبيئة من حوله أيضاً، من خلال التعبير المتعمد عن الحب والنيات الحسنة وشتى المشاعر الإيجابية. 

ولأن هذه الحقائق صعبة التصديق، فقد كان إيموتو ينشر صوره وكتبه بنفسه في بداية اكتشافاته، وقبل أن يذيع صيته لتنافس دور النشر اليابانية على نشر كتبه، ودور النشر الأجنبية على ترجمتها. ولكن بالطبع ما زال هناك الكثيرون جداً ممن لا يصدقون ولا يؤمنون بنظرية إيموتو، خاصة في الغرب، فبقدر ما أعجب به الكثيرون، هاجمه أكثر منهم، واتهموه مرة بالخرف، ومرة أخرى بالنصب، ومرة ثالثة بالخيال الواسع الشاطح. أما أكثرهم اعتدالاً فطالبه على الأقل بعدم التحدث باسم العلم. لكنهم يقرون له بجمال صور أشكال الثلج التي قام بتصويرها!! ومن جهة أخرى يؤكد المعجبون به والمؤمنون باكتشافاته أن التاريخ يعيد نفسه، وأن معظم المخترعين والمكتشفين تعرضوا لما تعرض له "إيموتو" من التكذيب والاستهانة والسخرية.
فهل يمكننا بالفعل أن نحسن العالم من حولنا بمجرد التركيز على أفكار ومشاعر إيجابية؟ وهل يمكن أن تتصف مكونات طبيعية أخرى بنفس صفات الماء، من حيث التفاعل مع الإنسان؟ وهل يتم ذلك التفاعل مع الإنسان فقط، أم مع كائنات حية أخرى أيضا؟ كل هذه التساؤلات وغيرها يبحثها "إيموتو" حالياً، ليزيد الخلاف اشتعالاً، بين أنصاره وخصومه. "ولإيموتو" موقع يمكن زيارته على الإنترنت، هو: www.masaru-emoto.net ويمكن فيه مشاهدة الصور المختلفة لبلورات الماء في أحوال متباينة، بالإضافة إلى نشرة شهرية يصدرها "إيموتو" حول التقدم الذي يحرزه في أبحاثه.
ماذا يعني هذا وما هي الطاقة الكامنة وراء الكلمات التي نبثها للماء فيتغير مع حالتنا المزاجية إن كان فرحا وسعادة تشكلت جزيئات الماء بما يؤكد إحساسها بنا وبسعادتنا وإن كان مزاجنا ليس على ما يرام اختلف مزاج جزيئات الماء وتغيرت وتبدلت وكأنها تشيح بوجهها عن مزاجنا العكر. يا لهذه الأبحاث العلمية إنها كل يوم تؤكد حقائق جديدة قديمة، أليس الكثير من الصالحين الثقاة (ولا أقول الدجالين والمشعوذين) يعالجون الأمراض العضوية والنفسية والروحية بقراءة آيات من القرآن على الماء ثم يشربها المريض أو يغتسل بها فيشفى.

ونقول للمشككين والماديين لماذا تصدقون الياباني وتنكرون القرآن؟. إذا كانت أيها السادة مجرد كلمة حب تقال للماء يتبدل ويتغير، أليس من الأجدر أن تؤثر فيه كلمات القرآن الكريم التي هي كلمات الله عز وجل خالق الماء وجاعل منه كل شيء حي. لقد أشير في كتاب لقط المرجان في علاج العين والسحر والجان، أن للاغتسال بالماء الذي قرئ عليه الرقية أو الماء الذي محيت فيه آيات من كتاب الله تعالى أثراً عجيباً في صرف العين وإتلاف السحر المنتشر في العروق، وكذلك يساعد على إنهاك وتعذيب الشياطين.
دراسات عن أثر ترديد أسماء الله الحسني علي جسم الإنسان (لاحظ أن:70% من جسم الإنسان ماء)
ولهؤلاء الماديين المتشككون في مقدرة كلام الله على الشفاء بإذن الله نورد لهم الدراسة التي أجراها العالم المصري العالمي الدكتور "إبراهيم كريم" مخترع علم البيوجيومتري وقد استخدم أسماء الله الحسني في علاج الأمراض العضوية وتم قياسها بواسطة أساليب القياس الدقيقة للتغيرات الفسيولوجية داخل جسم الإنسان وذلك للوصول إلى قياس تأثير تكرار كل اسم من أسماء الله عز وجل على أعضاء الجسم المختلفة وقد أجريت هذه التجارب على عدة مرضي وأحسوا بالتحسن المباشر.
وقد أكتشف الدكتور "كريم" أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناعة للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين واكتشف أن مجرد تكرار اسم معين من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى تحسين مسارات الطاقة الحيوية وهذا النوع من الدراسة المعتمد على الصوت والذبذبات والرنين قد استعمله الفراعنة القدماء.
وبعد دراسة ثلاثة سنوات خرج بدراسته التالية: السميع يفيد في إعادة توازن الطاقة، الرزاق يعالج المعدة، الجبار يعالج العمود الفقري، الرءوف يعالج القولون، النافع يعالج العظم، الحي يعالج الكلية، الرءوف يعالج الركبة، النافع يعالج الكبد، البديع يعالج الشعر، الصبور يعالج الأمعاء، جل جلاله يعالج تساقط الشعر، الرشيد يعالج البروستاتة، القوي يعالج العضلات، البارئ يعالج البنكرياس، النور يعالج القلب، النافع يعالج الكتل الدهنية، الرزاق يعالج عضلات القلب، الخالق يعالج الرحم، الوهاب يعالج أوردة القلب، الهادي يعالج المثانة، الجبار يعالج الشريان، المغني يعالج المبيض، الغني يعالج الأعصاب، المهيمن يعالج الروماتيزم، جل جلاله يعالج الصداع النصفي، القوي يعالج الغدة البثموستي، اللطيف يعالج الجيوب الأنفية، البارئ يعالج فوق الكلية، الرافع يعالج الفخذ، الطاهر يعالج عصب العين، النور البصير الوهاب يعالج العيون، الجبار يعالج الغدة الدرقية، الخافض يعالج ارتفاع ضغط الدم، المتعال يعالج شرايين العيون، الغني اللطيف يعالج الجيوب الأنفية.
دراسات عن أثر سماع القرآن علي جسم الإنسان (لاحظ أن:70% من جسم الإنسان ماء)
يقول الدكتور احمد القاضي في مقال له على موقع http://www.balagh.com: حتى وقت قريب لم يكن هناك اهتمام زائد بالقوة الشفائية للقرآن والتي وردت الإشارة إليها في القرآن وفي تعاليم الرسول الكريم محمد ابن عبداللاه عليه الصلاة والسلام، كيف يحقق القرآن تأثيره، وهل هذا التأثير عضوي أم روحي أم خليط من الاثنين معا. ولمحاولة الإجابة على هذا السؤال بدأ الدكتور احمد القاضي في إجراء البحوث القرآنية في عيادات " أكبر " في مدينة بنما سيتي بولاية فلوريدا.
كان هدف المرحلة الأولى من هذه الأبحاث هو إثبات ما إذا كان للقرآن أي أثر على وظائف أعضاء الجسد وقياس هذا الأثر إن وجد. واستعملت أجهزة المراقبة الإلكترونية المزودة بالكمبيوتر لقياس أية تغيرات فسيولوجية عند عدد من المتطوعين الأصماء أثناء استماعهم لتلاوات قرآنية. وقد تم تسجيل وقياس أثر القرآن عند عدد من المسلمين المتحدثين بالعربية وغير العربية، وكذلك عند عدد من غير المسلمين.
وبالنسبة للمتحدثين بغير العربية، مسلمين كانوا أو غير مسلمين. تليت على هؤلاء المتطوعين مقاطع من القرآن باللغة العربية ثم تليت عليهم ترجمة هذه المقاطع باللغة الإنجليزية. وفي كل هذه المجموعات أثبتت التجارب المبدئية وجود أثر مهدئ مؤكد للقرآن في 97 % من التجارب. وقد ظهر هذا الأثر في شكل تغيرات فسيولوجية تقوم على تخفيف درجة توتر الجهاز العصبي التلقائي.
الخلاصة
مما تقدم نخلص إلى أن علماء مسلمين وغير مسلمين أثبتوا إثباتاً مادياً محسوساً أن الماء يحس ويشعر كما لو كان كائنا حيا يتغير عند سماعة لكلمات المدح كما يتغير عند سماعه لكلمات الهجاء. واثبتوا أيضاًُ كما رأينا في أبحاث الدكتور "إبراهيم كريم" والدكتور "احمد القاضي" أن لسماع كلمات الله وأسمائه طاقة تشفي المريض من إمراض عضوية ونفسية وروحية مما يدعونا للاعتقاد بجدوى العلاج بالماء المقرأ عليه آيات القرآن خاصة إذا علمنا أن نسبة الماء في جسم الإنسان في متوسطها لا تقل عن 70% من وزن الجسم ككل وسبحان الله حين قال جل شأنه: (وَاذْكُرْ عبدنا أَيّوبَ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ أَنّي مَسّنِيَ الشّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) (ص 41).
وعند أبي داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الغضب من الشيطان، وان الشيطان خلق من نار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ). وأخرج أحمد في مسنده "أن امْرَأة أتت الرَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنٍ لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هذَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ لَهَا ائْتِينِي بِمَاءٍ فَأَتَتْهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ فَتَفَلَ فِيهِ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ دَعَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ اذْهَبِي فَاغْسِلِيهِ به وَاسْتَشْفِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلّ"َ.
ولا يفوتنا هنا أن ننبه إلى أنه يجب على المريض أولاً أن يراجع المختصين من أهل الطب، وهذا ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم (تداووا عباد الله)، والذهاب للطبيب لا يتعارض مع قراءة الرقية الشرعية كوسيلة من الوسائل المعينة على الشفاء، وقبل كل ذلك لا بد من اليقين أن الشفاء بيد الله تعالى، وأن الطبيب أو الرقية لا تعدو أن تكون سببا ليس لها تأثير إلا بإذن الله، والحذر كل الحذر من الوقوع في أيدي الدجالين، والمشعوذين والسحرة الذين يستغلون حاجة الناس فيبتزوا أموالهم بزعم أن لهم قدرة خارقة في علاج المرضى بالقرآن.
وأخيرا وليس أخراً أسأل الله العلي القدير أن ينفع بهذه الورقة العلمية وان يكون فيها إضافة للقارئ المسلم، وإن كان في هذا العمل من خير فمن الله وإن كان فيه غير ذلك فمن نفسي ومن الشيطان والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
المراجع
1. القرآن الكريم
2. تفسير بن كثير
3. الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة أعداد وتأليف الدكتور الشيخ راتب النابلسي
4. الإعجاز العلمي في السنة النبويَّة للدكتور زغلول النجار.
5. موقع موسعة الإعجاز العلمي في القران الكريم علي الشبكة الدولية للمعلومات
6. مواقع عديدة على الشبكة الدولية للمعلومات (انترنت)
7. من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار
8. الماء تلك المادة العجيبة تأليف البر فسور إ . بتريانوف أستاذ في معهد مندلييف في موسكو.
9. فيزياء الألوان في القرآن، أحمد عامر الدليمي، مجلة البراق، 6




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق