بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء

اللغز الكبير في مصر الآن..


 لماذا يحافظ الجنيه على قيمته أمام العملات الأجنبية رغم حدة الأزمة الاقتصادية وتوقف قطاع السياحة وتعطل الإنتاج.

قروش قليلة يحركها الجنيه انخفاضاً في مواجهة الدولار يعوضها في أيام تالية إلى ارتفاع لا مبرر له اقتصادياً، دفع خبراء اقتصاديين إلى ربطه بكثرة المال السياسي الذي يدخل البلاد منذ تنحي الرئيس مبارك عن الحكم في 11 فبراير/شباط لدعم ائتلافات ومنظمات سياسية تحت يافطة "نشر الديمقراطية".
المال السياسي تسبب في أزمات داخلية بين بعض قوى الثورة والمجلس العسكري الحاكم الذي اتهم جماعة 6 أبريل صراحة بتلقي أموال من الخارج وتدريب كوادرها في صربيا وهو ما نفته نفيا قاطعا، فيما أثار أزمة بين واشنطن والقاهرة على إثر إعلان الأولى أنها قدمت ملايين الدولارات مساعدة لبعض القوى السياسية، وتدخل في الأزمة دول أخرى عربية وأوروبية يطالها الاتهام نفسه.

وتجري نيابة أمن الدولة العليا بمصر تحقيقات موسعة حول تلقي عدد من المنظمات والحركات السياسية المدنية تمويلا أجنبيا بالمخالفة للشروط المصرية في الحصول على هذه الأموال.
كيف يدخل المال السياسي؟ 
وفتحت هذه القضية الباب على مصراعيه للتساؤل حول كيفية دخول المال السياسي إلى مصر وهل يدخل بطريقة شرعية أم غير شرعية ؟ وهل تؤثر هذه الأموال على الاقتصاد المصري وعلى سعر صرف الجنيه المصري؟.. كما برزت تساؤلات أخرى أكثر أهمية تتعلق بخارطة هذه الأموال؟ ومن يتلقاها؟ وهل تخضع للرقابة البنكية أم لا؟.

بداية يرى الدكتور يوسف ابراهيم مدير مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أن هذه الأموال لا تضر الاقتصاد المصري ضررا بليغا، بل ربما أيضا تحدث نوعا من الرواج لأنها تضخ أموالاً وعملة صعبة، ولكن الضرر السياسي لهذه الأموال هو الخطير، فهي تتعلق بمستقبل أمة ومستقبل شعب كما أنها تتعارض مع استقلالنا السياسي.

وحول كيفية دخول هذه الأموال إلى مصر يقول د.يوسف لـ"العربية نت": نسبة كبيرة من هذه الأموال تأتي عن طريق سفارات الدول المانحة في مصر، وأكثر هذه الدول التي ترسل أموالا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ولا تتبع هذه الدول الطرق الشرعية في إرسال الأموال، فهي مثلا لا تخضعها لرقابة البنك المركزي المصري، وإن ادعى المركزي سيطرته على هذه الأموال، لكن الواقع غير ذلك، لأنها إما أن تأتي عبر السفارات ومن ثم يتم توزيعها مباشرة للمنظمات أو أفراد بعينهم، أو تأتي عبر بنوك أجنبية لا تخضع لرقابة البنك المركزي.
ويؤكد د.يوسف ابراهيم أن الطريقة المثلى لرقابة هذه الأموال تتعلق بالقرار الذي تتخذه الدولة من خلال التضييق على الفئات التي تتلقى هذه الأموال بشتى الوسائل، بالإضافة إلى وجود حملات توعية سياسية للشباب الذي يمارس السياسة حتى يلفظ فكرة تلقي أموال أجنبية بنفسه، وبالتالي تفشل هذه المنظمات المانحة في مخططاتها.

ويقول محمد خراجة رئيس القسم الاقتصادي بصحيفة الأهرام المسائي لـ"العربية نت": هناك ما يقارب من 30 ألف جمعية أهلية في مصر تخضع لرقابة وزارة التضامن الاجتماعي والبنك المركزي المصري وجميعها تعمل في المحافظات المصرية بعيدا عن العاصمة، وهذه الجمعيات تعتبر من أكثر الجمعيات الأهلية فقرا وتمويلا، ولكن الذي يحصل على الغنيمة الكبرى من التمويل الأجنبي هي منظمات المجتمع المدني التي تتركز مقارها في العاصمة المصرية "القاهرة "وتعمل في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية.

ويضيف: هذه المنظمات يديرها سياسيون ينتمي معظمهم للتيار اليساري والليبرالي في مصر وهي معروفة لدى الحكومة المصرية، وتعمل على أساس أنها شركات مدنية وبالتالي لا تخضع للرقابة وتودع معظم أموالها في البنوك الأجنبية مثل بنوك "اتش إس إس بي سي" وعدد من البنوك الأجنبية العاملة في مصرولا تخضع لرقابة البنك المركزي المصري.
ويؤكد خراجة أن التأثير الاقتصادي لهذه الأموال على مصر لا يذكر لكن التأثير السياسي هو الأخطر، حيث تعمل هذه المنظمات وفق خطط ممنهجة لترويج بعض الأفكار الغريبة على المجتمع المصري لتوجيهها في سياقات سياسية معينة.

إيداعات بنكية لأشخاص مجهولين 
ولكن مصدرا مسؤولا بأحد البنوك المصرية الحكومية تحتفظ "العربية.نت" باسمه يؤكد "أن هذه الأموال التي تأتي لتمويل هذه المنظمات تدخل عن طريق إيداعات بنكية بملايين الدولارات باسم أشخاص غير معروفين، ويتم إيداعها في بنوك أجنبية أشهرها بنك "إتش اس بي سي "، وتخضع لرقابة البنك المركزي، ولكن المشكلة أن هؤلاء الأشخاص لا يذهبون بأنفسهم لصرف هذه الأموال خشية المساءلة، فهناك جهات رقابية في البنك المركزي المصري تعمل على تتبع هذه الأموال بشكل تلقائي لأي نقود تدخل مصر حتى لو كانت بنوكا أجنبية، فأي مبلغ يتم إيداعه في أي بنك يزيد عن الـ 50 ألف جنيه يوضع تحت الرقابة بشكل تلقائي.

ويضيف المصدر "معظم هذه الأموال يتم تجميدها في البنوك حتى يأتي من يصرفها".
وكانت وزارة التعاون الدولي بمصر قد فتحت تحقيقا رسميا الشهر الماضي بعد أن أعلنت السفيرة الأمريكية الجديدة في مصر آن باترسون أن بلادها وزعت 40 مليون دولار لمنظمات غير حكومية وأشخاص وجهات سياسية منذ اندلاع الثورة، وطالبت قوى سياسية بكشف أسماء متلقي المعونات الأمريكية ما أدى إلى توتر سياسي بين القاهرة وواشنطن.


ويقول الدكتور اسماعيل شلبي أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق لـ"العربية نت": لا شك أن هذه الأموال تدخل مصر بطرق غير مشروعة ويجب رقابتها حتى على البنوك الأجنبية التي لا تخضع للرقابة من البنك المركزي المصري لأنها تخص الأمن القومي المصري، حتى نعرف حقيقة هذه الجهات التي أرسلت الأموال وحقيقة المتلقين لها".

ويؤكد د.إسماعيل شلبي "أن هذه الأموال خطر على الإقتصاد المصري ومن شأنها التأثير على سعر الصرف للجنيه المصري لأن هذه الجهات تدخل نقودا أجنبية وليس سلعا".
خريطة الأموال والمنظمات المانحة 
أشهر الجهات التي تقدم التمويل للجمعيات والمنظمات المصرية هي "يو اس ايد" الوكالة الأمريكية للتنمية ، و"اي دي ويو ان اي" وهذه المنظمات تحصل على الأموال مباشرة من الحكومة الامريكية وهناك "ان دي اي" المعهد الديمقراطي الأمريكي ويتبع الحزب الديمقراطي مباشرة، ومنظمة "الميديست" و تتبع للحكومة الأمريكية مباشرة وتختص بشؤون التعليم ونشر الثقافة الامريكية عن طريق الدورات التدريبية، وفورد فاونديشن، وجلوبال فند الأمريكية، وسيدا الكندية، ودانردا الدينماركية، وفنيدا الفنلندية، و تورادا النرويجية ، وسيدا السويدية، وتوفت الهولندية، واسرائيل الجديدة الإسرائيلية ومقرها نيويورك، وكونراد و ادينار وريدرش البرت، والمنظمات الألمانية فريدرش ناومن و"رديور" التابعة للحزب الديمقراطي المسيحي.
وحسب حرب الاتهامات المشتعلة بين بعض الليبراليين والسلفيين، فان التمويل الأمريكي يستهدف دعم الأحزاب الليبرالية الناشئة بعد الثورة لتتمكن من مواجهة الاحزاب الاسلامية في الانتخابات المقبلة،.

ولا تتوقف عمليات التمويل الخارجية لحركات شبابية مصرية على الجانب الغربي من العالم، فقد أثير مؤخرا الجدل حول تمويل دول عربية لبعض الجبهات الإسلامية السلفية في مصر بهدف تكريس الصعود السياسي لهذا التيار في مقابل التيارات الليبرالية واليسارية، ولكن المتحدث الرسمي باسم الجماعة السلفية نفى هذه الاتهامات، كما نفت منظمات مثل كفاية و6 أبريل تلقي أي تمويل خارجي.

وفي بلاغ للنائب العام المصري أكد "الائتلاف الشعبي لكشف التمويل الأجنبي" خارطة هذه الأموال التي قدمت إلى منظمات المجتمع المدني وقدرها بحوالي 400 مليون دولار حصل عليها عدد من منظمات التنمية والمجتمع المدني العام الماضي منها منظمات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، حيث صرفت هيئات المعونة الأجنبية في مصر، ما يقرب من 400 مليون جنيه مصري واتجه معظم هذا المبلغ إلى الجمعيات في الصعيد والقاهرة.

وحصلت منظمات حقوق الإنسان على مبلغ 50 مليون جنيه، خصصت لبرامج حقوق الإنسان والديمقراطية وزادت بعد الثورة إلى 300 مليون لدعم الانتخابات والديمقراطية خلال المرحلة المقبلة.

وتتلقى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وهي أكبر المنظمات المصرية، تمويلا محدودا لأنشطتها من الجهات المانحة الألمانية.
ويحصل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية على أكبر تمويل من الاتحاد الأوروبي من بين المنظمات المعنية بحقوق الإنسان.

وحصلت "المجموعة المتحدة"، وهي شركة تهدف إلى الربح التي يرأسها المحامي نجاد البرعي على تمويل أجنبي من منظمة "فريدم هاوس" بالاشتراك مع نضال منصور مدير مركز حماية الصحافيين بالأردن لتنفيذ مشروع إقليمي للشباب عن رسل الحرية.

وتلقت جمعية حقوق السجناء والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، التي يرأسها محمد زارع وهي شركة هادفة للربح، على تمويل أوروبي بمبلغ 150 ألف يورو لتنفيذ مشروع لإنشاء شبكة عن المحامين المدافعين عن ضحايا التعذيب والمعاملة القاسية بأقسام الشركة.
كما يحصل مركز "دراسات أندلس للتسامح" على تمويل منتظم من المعونة الألمانية والهولندية والاتحاد الأوروبي لمشروعاته الإعلامية لراديو "حريتنا". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق